يُعد فقدان الوزن (Weight Loss) تغيراً شائعاً يسعى إليه الكثيرون لأسباب صحية أو جمالية، ولكنه قد يكون أيضاً علامة على وجود مشكلة صحية كامنة، خاصة إذا حدث بشكل غير مقصود. فهم أسباب فقدان الوزن، والتمييز بين الخسارة الصحية والمقلقة للوزن، ومعرفة متى يجب استشارة الطبيب، هو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على صحة جيدة. نتناول مختلف جوانب فقدان الوزن، بما في ذلك أسبابه المتعددة، العلامات التي تشير إلى خطورته، كيفية حدوثه حتى مع شهية جيدة، مفهوم فقدان الوزن غير المبرر، والأطعمة التي يمكن أن تدعم رحلة خسارة الوزن الصحية.
اسباب فقدان الوزن
يمكن أن يحدث فقدان الوزن نتيجة لمجموعة واسعة من العوامل، ويمكن تقسيمها بشكل عام إلى أسباب مقصودة (ناتجة عن تغييرات متعمدة في نمط الحياة) وأسباب غير مقصودة (غالباً ما تكون مرتبطة بحالات صحية).
1. أسباب فقدان الوزن المقصود:
يحدث هذا النوع من فقدان الوزن عندما يتبع الشخص خطة مدروسة لتقليل وزنه، وعادة ما يشمل:
- تغيير النظام الغذائي: اتباع نظام غذائي يهدف إلى خلق عجز في السعرات الحرارية (تناول سعرات حرارية أقل مما يحرقه الجسم)، مع التركيز على الأطعمة الصحية والمغذية.
- زيادة النشاط البدني: ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لحرق المزيد من السعرات الحرارية وبناء العضلات.
- مزيج من النظام الغذائي والتمارين: وهو النهج الأكثر فعالية واستدامة لـفقدان الوزن الصحي.
2. أسباب فقدان الوزن غير المقصود:
هذا النوع يثير القلق ويتطلب تقييماً طبياً، وقد يكون ناتجاً عن:
- الحالات الطبية:
- فرط نشاط الغدة الدرقية: زيادة إفراز هرمونات الغدة الدرقية تسرّع عملية الأيض بشكل كبير.
- مرض السكري (خاصة النوع الأول أو النوع الثاني غير المنضبط): عدم قدرة الجسم على استخدام الجلوكوز كمصدر للطاقة يؤدي إلى حرق الدهون والعضلات.
- السرطان: يمكن أن يسبب فقدان الوزن بسبب زيادة متطلبات الجسم للطاقة أو فقدان الشهية أو آثار العلاج.
- مشاكل الجهاز الهضمي وسوء الامتصاص: مثل الداء البطني (حساسية الغلوتين)، داء كرون، التهاب القولون التقرحي، التهاب البنكرياس المزمن، وقرحة المعدة.
- العدوى المزمنة: مثل السل، فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، أو بعض الالتهابات الفطرية أو الطفيلية.
- أمراض القلب والرئة والكلى المزمنة: مثل فشل القلب الاحتقاني، مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD)، وأمراض الكلى المتقدمة.
- الاضطرابات العصبية: مثل مرض باركنسون والخرف، والتي قد تؤثر على القدرة على تناول الطعام أو تزيد من استهلاك الطاقة.
- مشاكل الأسنان: صعوبة المضغ أو ألم الفم قد يقلل من تناول الطعام.
- العوامل النفسية:
- الاكتئاب والقلق والتوتر الشديد: يمكن أن تؤدي إلى فقدان الشهية أو تغيرات في عادات الأكل.
- الحزن والفجيعة: فقدان شخص عزيز يمكن أن يؤثر على الشهية.
- اضطرابات الأكل: مثل فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa).
- الأدوية: بعض الأدوية يمكن أن تسبب فقدان الوزن كأثر جانبي، مثل أدوية العلاج الكيميائي، بعض مضادات الاكتئاب، أدوية علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وأدوية الغدة الدرقية (إذا كانت الجرعة زائدة).
- عوامل أخرى:
- تعاطي الكحول أو المخدرات.
- التقدم في السن: غالباً ما يصاحبه انخفاض طبيعي في الشهية وكتلة العضلات.
فقدان الوزن الغير مبرر
يُعرَّف فقدان الوزن غير المبرر بأنه انخفاض ملحوظ في وزن الجسم يحدث دون محاولة من الشخص لإنقاص وزنه. يعتبر الأطباء عادةً فقدان الوزن غير المبرر أمراً مثيراً للقلق إذا فقد الشخص أكثر من 5% من وزن جسمه خلال فترة تتراوح بين 6 إلى 12 شهراً.
لماذا هو مهم؟ يعتبر فقدان الوزن غير المبرر علامة تحذيرية هامة، حيث يمكن أن يكون العرض الأول أو المبكر للعديد من الحالات الطبية المذكورة سابقاً، بما في ذلك السرطان، اضطرابات الغدد الصماء، أمراض الجهاز الهضمي، والالتهابات المزمنة.
ماذا يجب أن تفعل؟ إذا لاحظت فقدان وزن غير مبرر ومستمر، فمن الضروري جداً مراجعة الطبيب فوراً لإجراء التقييم اللازم وتحديد السبب الكامن وراءه. لا تتجاهل هذه العلامة أبداً.
فقدان الوزن مع شهية جيدة
قد يبدو الأمر متناقضاً، لكن من الممكن أن يعاني الشخص من فقدان للوزن حتى مع الحفاظ على شهية طبيعية أو حتى زيادتها. يحدث هذا عندما يستهلك الجسم سعرات حرارية أكثر مما يمتصه أو يستخدمه، على الرغم من تناول كميات كافية من الطعام. الأسباب الشائعة لهذه الظاهرة تشمل:
- فرط نشاط الغدة الدرقية: كما ذكرنا، يؤدي تسارع عملية الأيض إلى حرق السعرات الحرارية بمعدل أسرع بكثير من المعتاد.
- سوء الامتصاص: في حالات مثل الداء البطني أو قصور البنكرياس، لا يتم امتصاص العناصر الغذائية والسعرات الحرارية من الطعام بشكل فعال في الأمعاء، مما يؤدي إلى فقدان الوزن رغم تناول الطعام.
- مرض السكري (خاصة النوع الأول): لا يستطيع الجسم استخدام الجلوكوز (السكر) من الطعام للحصول على الطاقة بسبب نقص الأنسولين. يلجأ الجسم إلى حرق الدهون والعضلات بدلاً من ذلك، ويتم التخلص من الجلوكوز الزائد في البول، مما يؤدي إلى فقدان الوزن وزيادة الشهية والجوع.
- النشاط البدني الشديد جداً: الرياضيون أو الأشخاص الذين يمارسون نشاطاً بدنياً مكثفاً قد يحرقون كميات هائلة من السعرات الحرارية، وإذا لم يتم تعويضها بكمية كافية من الطعام (حتى لو كانت شهيتهم جيدة)، فقد يحدث فقدان الوزن.
- بعض أنواع السرطان: يمكن أن تزيد من معدل الأيض في الجسم.
إذا كنت تفقد الوزن ولديك شهية جيدة، فهذه أيضاً علامة تتطلب استشارة طبية لتحديد السبب الدقيق.
متى يكون فقدان الوزن خطير
ليس كل فقدان وزن يدعو للقلق، ولكن هناك حالات معينة يجب الانتباه إليها واعتبارها خطيرة أو تتطلب تدخلاً طبياً فورياً:
- فقدان الوزن غير المبرر: كما ذكرنا سابقاً (فقدان >5% من الوزن خلال 6-12 شهراً دون محاولة).
- سرعة فقدان الوزن: حتى لو كان مقصوداً، فإن فقدان الوزن بسرعة كبيرة جداً (أكثر من 1-1.5 كجم في الأسبوع بشكل مستمر) يمكن أن يكون ضاراً ويؤدي إلى فقدان العضلات، حصوات المرارة، نقص المغذيات، ومشاكل أخرى. المعدل الصحي والآمن يتراوح عادة بين 0.5 إلى 1 كجم في الأسبوع.
- وجود أعراض مصاحبة: إذا ترافق فقدان الوزن مع أعراض أخرى مثل:
- التعب الشديد والمستمر.
- الحمى أو التعرق الليلي.
- الألم المستمر في أي جزء من الجسم.
- تغيرات في عادات الإخراج (إسهال أو إمساك مزمن، دم في البراز).
- ضيق في التنفس أو سعال مستمر.
- فقدان الشهية المفاجئ أو الغثيان المستمر.
- صعوبة في البلع.
- تورم الغدد الليمفاوية.
- اليرقان (اصفرار الجلد والعينين).
- الوصول إلى نقص الوزن (Underweight): إذا أدى فقدان للوزن إلى انخفاض مؤشر كتلة الجسم (BMI) إلى أقل من 18.5، فهذا يزيد من خطر الإصابة بمشاكل صحية مثل ضعف المناعة وهشاشة العظام وفقر الدم.
- الارتباط باضطرابات الأكل: عندما يكون فقدان الوزن ناتجاً عن سلوكيات أكل غير صحية وقلق مفرط بشأن الوزن وصورة الجسم.
- التأثير على الأداء اليومي: إذا كان فقدان الوزن مصحوباً بضعف شديد لدرجة أنه يعيق قدرة الشخص على أداء مهامه اليومية.
المأكولات التي تساعد على فقدان الوزن
لا توجد أطعمة “سحرية” تسبب فقدان للوزن بمفردها، ولكن هناك مجموعات من الأطعمة التي يمكن أن تدعم جهود خسارة الوزن الصحية عند دمجها في نظام غذائي متوازن ومع التحكم في السعرات الحرارية. تتميز هذه الأطعمة عادةً بكونها:
- غنية بالعناصر الغذائية: توفر الفيتامينات والمعادن الأساسية.
- منخفضة السعرات الحرارية نسبياً: تسمح بتناول كميات مشبعة دون استهلاك سعرات عالية.
- غنية بالألياف أو البروتين: تساعد على الشعور بالشبع لفترة أطول، مما يقلل من الرغبة في تناول وجبات خفيفة غير صحية ويساعد في الحفاظ على كتلة العضلات أثناء فقدان الوزن.
تشمل هذه المأكولات:
- البروتينات الخالية من الدهون: صدور الدجاج والديك الرومي، الأسماك (خاصة السلمون والتونة)، البيض، البقوليات (العدس، الفول، الحمص، الفاصوليا)، التوفو، ومنتجات الألبان قليلة الدسم (مثل الزبادي اليوناني).
- الخضروات غير النشوية: الخضروات الورقية (السبانخ، الجرجير، الخس)، البروكلي، القرنبيط، الفلفل بألوانه، الكوسا، الخيار، الطماطم. هذه الخضروات غنية بالألياف والماء ومنخفضة جداً في السعرات.
- الفواكه الكاملة: التوتيات بأنواعها، التفاح، الكمثرى، الجريب فروت، البرتقال. غنية بالألياف والفيتامينات ومضادات الأكسدة (يفضل تناولها باعتدال بسبب محتواها من السكر الطبيعي).
- الحبوب الكاملة: الشوفان، الكينوا، الأرز البني، البرغل، خبز القمح الكامل. توفر الألياف والطاقة بشكل مستدام وتزيد الشعور بالشبع مقارنة بالحبوب المكررة.
- الدهون الصحية (باعتدال): الأفوكادو، المكسرات (اللوز، الجوز)، البذور (الشيا، الكتان، اليقطين)، زيت الزيتون البكر الممتاز. تساعد على الشعور بالشبع ومهمة لصحة الجسم.
- الماء: شرب كميات كافية من الماء ضروري لعملية الأيض ويمكن أن يساعد في التحكم بالشهية.
- الشاي الأخضر والقهوة (بدون إضافات سكرية): قد تساعد بشكل طفيف في تعزيز الأيض وزيادة حرق الدهون بفضل محتواها من الكافيين ومضادات الأكسدة.
- الشوربات (القائمة على المرق): يمكن أن تكون وجبة مشبعة ومنخفضة السعرات الحرارية، خاصة إذا كانت غنية بالخضروات والبروتين الخالي من الدهون.
مفتاح النجاح: يكمن في اتباع نظام غذائي شامل ومتوازن، يتضمن التحكم في حجم الحصص، وتقليل تناول الأطعمة المصنعة والسكريات المضافة والدهون غير الصحية، بالإضافة إلى ممارسة النشاط البدني بانتظام.
اعرف اكتر عن النحافة واسبابها ومخاطرها من هنا
افضل مراكز خطط غذائية واعادة تنسيق القوام
ينصح مراكز الكرمة برعاية واشراف دكتور مصعب علي تركيز خطط غذائية على الأطعمة المتوازنة والمغذية التي تدعم فقدان الوزن الصحي.
نقدم توجيهات حول تخطيط الوجبات، وعادات الأكل الصحية، مع ضمان أن تكون خطتك مخصصة لتلبية احتياجاتك الخاصة.
يُعد فقدان الوزن موضوعاً متعدد الجوانب، يتراوح بين كونه هدفاً صحياً ومنظماً، وبين كونه مؤشراً مقلقاً لوجود مشكلة صحية. من الضروري التفريق بين النوعين والتعامل مع كل منهما بجدية. إذا كنت تسعى لـفقدان الوزن بشكل مقصود، فافعل ذلك بطريقة صحية ومستدامة تركز على التغذية المتوازنة والنشاط البدني. أما إذا لاحظت فقدان وزن غير مبرر أو مقلق مصحوباً بأعراض أخرى، فلا تتردد أبداً في استشارة الطبيب للحصول على التشخيص والعلاج المناسبين.